السبت، 10 يناير 2015


لِلخِضرِ سلام في زمن البلاء

 

بقلم: حسين أحمد سليم

 

 

أبجديّة الضّادِ, بَدؤها, ألفْ باءْ,

مُنتهاها, قدرًا حرفُ الياءْ,

و مناجاة العبادِ, الفقراءْ,

تبتديء على ذِمّة التّسابيح بالياءْ...

 

يا سيّدة الحزنِ و النّحيبِ و البكاءْ,

مهلاً, مهلاً على المُعاناةِ و البلاءْ,

هذا زمن العهر و الكفرِ و الضّوضاءْ,

و عصرُ القهر و الغدرِ و النّفاقِ و الإبتلاءْ...

 

تعالي حبيبتي, نُسرِجْ صهوةَ الأنواءْ,

نمتطي الحُبّ جوادًا و نلبسُ العِشق رِداءْ,

نُضيءُ شموع الخضرِ عندَ كُلّ غسقٍ و مساءْ,

نُنادي على موسى النّبي ضراعةً بأحرّ النّداءْ,

و الكُلُّ نناجي لا نُفرّقُ بين الرّسلِ و الأنبياءْ,

آمنّا بالله و ما أُنزِل إلينا و فيه ترياقٌ و دواءْ,

و ما أُنزِل إلى إبراهيم و إسماعيل من السّماءْ,

و إسحق و يعقوب و الأسباط و ما قد جاءْ,

و ما أُوتي موسى و عيسى و النّبيّون الأمناءْ...

 

تعالي حبيبتي, نُعلِنُ حُبّنا و عِشقنا دون إلتواءْ,

لِله في العُلا, نستجير بهِ و نلوذ إذا حلّ البلاءْ,

نقتفي إستقامة مساراتَ التٌّقى لِرِجالِ الله الأتقياءْ,

خلفاءَ الله للنّاسِ في الأرضِ و نِعم السّادة الخلفاءْ,

لأبي بكرٍ و العادلِ عمرَ و عثمانَ و كُلّ الأوصياءْ,

و من حملوا المسؤوليّة تكليفًا من الشّرفاءْ...

 

تعالي حبيبتي, نُعلِنُ حُبّنا و عِشقنا و الولاءْ,

لأهلِ البيتِ أئمّة الهُدى السّادة الأوصياءْ,

لِعلّيٍّ, يومَ الغديرِ, نجهرُ بالإخلاصِ و الوفاءْ,

في غُرّة الفجرِ, قبلَ صِياحِ الدّيكِ و الضّياءْ,

نتشهّدُ لله, نُبسمِلٌ و نُحمدِلُ و نُعلِنُ الولاءْ,

و نُقيم عِندَ كلّ معلمٍ للحسينِ العزاءْ,

نُحيي لله قربةَ إيمانٍ مناسكَ عاشوراءْ,

عُربونَ حُبّ خالصٍ و عِشقٍ طاهرٍ و وفاءْ,

و لتشهدْ الأرضُ لنا حُبّ الحسينِ و السّماءْ,

و التّسابيحُ و المناجاةُ و الدّعاءْ,

و التّهجّداتُ و الإستِغاثاتُ و البكاءْ...

 

عليكَ السّلام, يا خِضرَ موسى و الأنبياءْ,

يا سِرَّ الوعيِ و مُرشِدَ الأولياءْ,

يا جوهرَ العرفانِ و علمَ العُلماءْ,

يا خليفةَ الله على الخلفاءْ,

يا ناهل الحياةَ من عينِ الماءْ,

يا كوكبَ الصّبحِ المنيرِ بالرّجاءْ,

يا بدر الدّجى المُشرقِ من رحمِ الظّلماءْ,

عِندَ مجمعِ البحرينِ كانَ اللقاءْ,

و كانَ الوحيُ رحمةً منَ السّماءْ,

السّفينةُ حركةُ فِعلٍ و مسارٍ في الإبتداءْ,

و الغلامُ مثلٌ لِلورى, فلِكُلِّ داءٍ دواءْ,

و الجدارُ رحمةٌ من الله للأبناءِ بالأباءْ,

و أفعالٌ تُنكرُ على ظاهرِ الأشياءْ,

و التّفسيرُ أتى حاملاً أسرارَ الضّياءْ,

لما لمْ يسْطتعْ صبرًا له شيخُ الأنبياءْ...

 

يا مكنون النّورانيّةِ عِندَ سيّدِ البلغاءْ,

يا يعقوب العمرانِ يا خِضرَ النّماءْ,

يا بُرهن الله يا خاتَمَ الرّسلِ و الأنبياءْ,

يا خِضرَ موسى و صاحِبَ الأنبياءْ,

بكَ الإبتداءُ كانَ دونما الإنتهاءْ,

نتلمّسُ ظِلّكَ العابرِ فوقَ الماءْ,

نتضرّعُ لله نرفعُ أكُفّنا للسّماءْ,

نحنُ أمّةُ غرقى في أتونِ البلاءْ,

نثملُ طربًا و يُسكِرنَا الرّقصُ و الغِناءْ,

نجهلُ معنى الحياةِ و قدرَ العناءْ,

نرودُ الظّلمةَ قهرًا, بديلَ الضّياءْ...

 

يا خِضرَنا يا سيّدَ الصّفاءِ و النّقاءْ,

سئمنا العصرنةّ و سياسةَ الغوغاءْ,

قرفنا, قرفنا... ساسة النّفاقِ و الرّياءْ,

تقيّأنا علوجَ الفتورِ و أبجديّةَ الدّهاءْ,

مججنا أباطيلَ الوعدِ و الواعدِ و الوعودَ الرّياءْ,

و لمْ نعُدْ نُصدّقُ لعبةّ الرّياءْ,

و المواقف الرّياءْ,

و الوعودَ الرّياءْ,

و اللقلقةَ الرّياءْ,

و الدّموعَ الرّياءْ,

لمْ تعُدْ تُشْغلنا الخرافاتُ الرّياءْ,

و الأساطيرُ الرّياءْ,

و حكايا الغيلانِ و العنقاءْ...

 

يا خِضرَ المكانِ و الزّمانِ و الرّجاءْ,

عفوًا قبل البدءِ, في بلادنا الثّكلاءْ,

نبتَ الحِقدُ و الحسدُ و عرّشَ الوباءْ,

و تسلّط الأدنياءُ على الأتقياءْ,

و سادَ الأغنياءُ و تقزّم الفقراءْ,

و غدوْنا نمشي إلى الوراءْ,

في زمنٍ بائرٍ, الحقيقةُ فيه هراءْ,

من الكهوفِ طلَعتْ علينا السّعلاءْ,

من القبورِ إنتشرتْ هياكلُ العماءْ,

و أفتى من أفتى, ظُلمًا و إفتراءْ,

قد غدر بنا التّاريخُ و ثقافة الجُهلاءْ,

و طعنتنا الجغرافيا و تدفّقت الدّماءْ,

و إصطبغتْ بالألوانِ الحرباءْ,

و إرتوتْ من دِماءنا الجرباءْ,

قتلوا الحُبّ فينا فِعْلَ إعتداءْ,

طعنوا العِشقَ فينا عِنوةَ غباءْ,

مزجوا أجسادنا بتُربةِ الأرضِ الجرداءْ,

بالحصى و الحجارةِ الصّمّاءْ,

و كانَ الماءُ للخليطِ الدّماءْ,

قدْ أضحتِ كُلُّ الأشياءِ سوداءْ,

و ضجّتْ الأرضُ بالتّربةِ الرّماديّةِ الغبراءْ,

تحت أديمها يئدُ الأحرارُ كُلّ الأشياءْ,

و أحلام أولادَ السّراري و الإماءْ,

و ثِمارِ المُتعةِ و السّباءْ,

كُلّما جُنَّ البغاءُ كثُرَ اللقطاءْ...

 

يا خضرَ الزّمانِ و المكانِ و الرّجاءْ,

ما زِلنا نتخبّطُ في نجيعِ الدّماءْ,

صُراخنا و نحيبنا قدْ ملأ الأرجاءْ,

و إمتدّ حتّى عمّ فجاجات الفضاءْ,

و لبّد في سيّالاته طبقاتَ الأجواءْ,

و إستغاثاتنا ألهبتْ الأرض و السَّماءْ,

الحاكمُ قاتلٌ تتملّكهُ الأفعالُ الرّعناءْ,

و المؤتمنون لصوصُ و ليسوا أمناءْ,

و الأشباح عنوةَ عهرٍ تقودنا للفناءْ,

يرسمون مصائرنا البرّاجون الأعياءْ,

و هاروت و ماروت يهدوننا الدّعاءْ,

و نوستر أداموس يدعوننا إلى اللقاءْ,

فشيخنا مُسِخ طفلاً تلاعبه الأشياءْ,

و طبائعنا تختزنُ النّارَ في رحمِ الماءْ,

و ندري أنّ حياتنا في قِمّةِ الغوغاءْ,

و نأبى إلاّ مناجاتكَ يا ربّ السّماءْ,

فحقّنا مسلوبٌ لمْ و لنْ و لا نترك النّداءْ,

و سارقُنا لِصٌّ دوليّ سِمته الغباءْ,

فيا لِزمنٍ فاجرٍ داعرٍ ساد فيه البغاءْ,

و يا لزمنٍ كافرٍ قاهرٍ حلّ فيه البلاءْ...

 

سيّدنا يا خِضرُ أنتّ الأملُ و الرّجاءْ,

ما حكّ مِثلَ ظِفرنا جلودنا السّمراءْ,

نستودعكَ الله و في كلّ وداعٍ لقاءْ,

فلنا في كُلِّ أرضٍ مزارَ عزٍّ و بهاءْ,

و لنا بكلّ مكانٍ مقامَ فخرٍ و ضياءْ,

تخضوضِرُ السّهولُ و تُصبحُ خضراءْ,

و مناراتُ القِممِ الشُّمِّ بكَ تُضاءْ,

و تُشْرِقُ الشّمسُ غربًا إذا الله شاءْ,

و يسطعُ كوكبكَ المنير في الليلةِ الظّلماءْ,

و في السّماواتِ و الأرضِ ينشرُ الضّياءْ,

إنّما المؤمنون أخوةٌ فليؤمنْ منْ شاءْ,

و كُلّ النّاسِ من آدمَ و الإنسانيّة دينُ السّماءْ.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق